28 أكتوبر 2023

لماذا تركت كلية الطب؟

لقد حصلت في الثانوية علي ٩٨.٥٪ وهو ما يؤهلني بجداره أن أدخل أفضل كليات القمة في مصر ("كلية الطب"). طوال سنين دراستي كان تقديري الدراسي بين إمتياز و جيد جدا.بدات التحضير للمعادلة الأمريكية ("USMLE") من السنة الأولي وهو ما لم يكن مألوفا لاحد علي الإطلاق.من كثرت إقبالي علي الطب كنت امضي وقت فرغي في عمل تسجيلات صوتية لشرح الأجزاء المعقدة من المنهج لزملائي والتي سرعنا ما انتشرات بين أسوار الجامعة. التحقت بفريق من الطلبه الاكبر مني سنا علي ان أتولي شرح مادة الفسيولوجي للطلبه من السنة الأولي.

كنت اتشوق للاجازة الصيفية من أجل أن أجد وقت أكثر للمعادلة الأمريكية. كنت استثمر من مصروفي الشخصي في شراء مراجع ("Textbooks") الاناتومي والميكرو. اتذكر ان والدتي كانت في غاية الغربة مما أفعله حيث لم يسبق لها ان رأت أحد من إخوتي الثلاثه يفعل ذالك مع انهم درسوا الطب!

صورة من مكتبي المتواضع وأنا طالب في كلية الطب ادرس المعادلة الأمريكية

صورة من مكتبي المتواضع وأنا طالب في كلية الطب ادرس المعادلة الأمريكية

البرمجة

تعرفت علي البرمجة في أواخر صيف السنة الدراسية الأولي. لا أتذكر وقتها كيف كنت أشعر لكني قررت اني لن أعطي دورات دراسية مدفوعة السنة القادمة كما كنت أخطط ولكني سوف أكتفي بدراسة البرمجة والمعادلة الأمريكية فقط.

اتذكر خطابي مع أختي المقربة مني ("هند") والتي شعرتْ بالغرابة من موقفي وقتها ولكنها قررت ان تثق في قراري وأن لا تجادلني.

في البداية قررت أن أقسم وقتي بين البرمجه والمعادلة ولكن سرعان ما قررت ان أتوقف عن دراسة المعادلة واتفرغ لدراسة البرمجة.

كنت أمضي ما بين 12-14 ساعه يوميا في الدراسة. حتي خارج وقت الدراسة كان كثيرا ما يكون بالي مشغولا بها. كنت عندما اذهب الي النوم كنت اتشوق لليوم التالي!

صورة من هاتفي لعدد الساعات اللي امضيتها في أحد جلساتي الدرسية أثناء تعلمي للبرمجة.

صورة من هاتفي لعدد الساعات اللي امضيتها في أحد جلساتي الدرسية أثناء تعلمي للبرمجة.

العمل كمطور

حصلت علي أول وظيفة لي في البرمجه بعد ٦ شهور فقط من دراستها في شركة في تركيا ولاحق انتقلت الي شركة أخري في سنغافورة. كنت أعمل من البيت ("Remotely")

لقد كنت في غاية السعادة لما حققته، لقد كانت بداية لفقرة جديدة من حياتي.

أصبحت اعيش حياتين ما بين طالب طب لدية دراسة و ويحضر المعادلة الامريكية ويريد أن يكون طبيبا عالميا وبين مطور شغوف لديه عمل يؤديه ويريد ان يثقل من مهارته.

كانت حياتي كا طالب طب هي الاقل فائدة والاكثر إرهاقا، كنتُ أمضي وقتي في دراسة مناهج عفي عليها الزمن. كان النظام الطبي الجديد يستنزفني ("الطب بالساعات المعتمدة"). أتذكر ان في السنة الدراسية الثالثة كنتُ مطالبا بدراسة كل ما يخص الجهاز العصبي الملخص في ١٢٠٠ صفحة في ٤ أسابيع فقط!! (بمعدل ٤٠ صفحة يوميا!!) - في سبيل ماذا كنت ابذل كل هذه المعانه؟!!

وقت كتابتي لهذا المقال أختي "هند" تحضر لاجتياز امتحان أخر سنة لها في كلية الطب ("السنة السادسة") وهي منهارة في البكاء من كمية الضغط النفسي الواقع عليها وليس لها خيار أخر غير الدراسة؟"في سبيل ماذا تبذل هي كل هذه المعانه؟".— حتي أنا لا أجد شيء أقوله لها غير "هتعدي إن شاء الله، ياهَنُوُدْ!"

الاختيار

كان لابد ان أختار لانهي كل هذه المعانه. حتي هذه اللحظة كان مسار "المطور" مصدر لكل تغير ايجابي في حياتي. لقد غيرني وكل من حولي. كنت استمتع بحل المشاكل والتحديات، التي كلما ازدادت صعوبه ازدادت شوقا لحلها. كنت أمضي وقت فراغي لتعلم مهارات أكثر ولاكون أفضل! كنت أعمل من البيت مع مطورين أخيرين من كل أنحاء العالم وهو ما يتماشي مع شخصيتي.

كنت علي الجهة الثانية ("الكلية") أبذل جهدا كثير بلا فائدة، دون ان اراء اي تغير!. لقد كان عندي ميزه لم تتوفر لاحد من زملائي وهي اني عندي رفاهية "الإختيار". كنت اعلم اني اذا انهيت الجامعه وحصلت علي الشهادة سوف اتركها. لقد أصبح انهاء الدراسة الجامعية بالنسبة لي دون مغزي ("Pointless")

انا استطيع ان أعيش دون شهادة... في الحقيقة انها لا تختلف كثيرا عن العيش بها 😄

كان إختياري شديدة السهولة ولكن الصعوبة كانت في التنفيذ. بدات رحلة طويلة مدتها سنة ونصف في نقاشات مع أهلي اني لا أحتاج الي استكمال دراستي وأن الكلية تحولت الي مصدر تشتيت لي عن أهدافي.

استقبل أهلي قراري بالغرابة — كالعادة — حيث لم يختر لهم ان أحد من الممكن حتي ان يفكر في هذا!

لقد استمر النقاش الحاد سنة ونصف لانني ارتكبت خطأً فادحا، لقد انتظرت من أهلي ان يدعموني في قراري والذي يخالف كل تجاربهم ومعتقداتهم عن الحياة. الي ان قررت اني سافعلها مهما كلف الأمر وساتحمل مسؤلية كل العواقب.

لم اندم ولو للحظة علي قراري في ترك الكلية بل شاهدت تطورا كبيرا في مساري المهني كمطور لم يسبق له مثيل ،لقد كان أكثر مما توقعت ("الحمد لله")!

لقدت تركت تجربتي بداخلي المزيد من الأسئلة التي بداتُ رحلتي في البحث لها عن إجابة؟:

  1. هل هذه المؤسسات التعليمة معده للطالب ام لخدمة أهداف اخري؟
  2. لماذا يتهافت هذا الكم الهائل من الناس لدخول في هذه المسارات التعليمية دون أن يسالو عن سبب تواجدهم فيها؟
  3. ما هي افضل طريقة تعليمة لصنع ذات "مثمر" ؟
  4. ما هي أفضل طريقة تعلمية للاطفال؟

اذا كنت مهتما لمعرفت المزيد لدي مقال باللغة الانجليزية بعنوان هذا ما يبدو عليه كل طالب مصري بعد إنهائه للشهادة الثانوية

شكراً 👋
أحـــمد إبراهـــيم

السلام عليكم 👋

أنـــا أحمــــد إبراهيم من مصـــر. أعمل كـمطور برمجيات وفي تطوير البرمج مفتوحة المصدر.عملت في شركات عالمية في الولايات المتحدة وانجلترا. عملت مع مطورين أخيرن من كل أنحاء العالم. أكتب مقالتي باللغة العربية والأنجليزية.

للحصول علي إشعـــــار عند إصدار منشور جديد، يمكنك أضافة الايمل الخاص بك