مهـــــــم وغير عاجــــل

من وجهة نظر المجتمع، الانشغال في اداء المهمات والالتزامات هو افضل مقياس لمدي انتاجية الفرد (فرد قيم). كثير ما تجد من يفاخر بانه كثير الانشغال ولا يضيع الوقت.

المهام علي اربع أقسام (مرتبه من الأحسن للاسوء)؛ مهم وغير عاجل، مهم وعاجل، غير مهم و غير عاجل، غير مهم وعاجل. اريد التركيز علي النوعين "مهم وعاجل" و "مهم وغير عاجل". اريد ان اوضح الفرق بينهما بقليل من الامثله.

مثال في اطار التعليم: تحقيق تفوق دراسي

الانشغال بالمهمات الدراسة واداء الواجبات واجتياز الاختبارات كلها تعتبر امور هامه وعاجله (من وجهة نظر من يؤديها) ولكن كثرة الانغماس فيها تلهي الفرد عن طبيعة المستقبل الذي يتحرك باتجاهه (مهم وغير عاجل). التعليم النظامي هو بيئه ذات نمط متسارع والتي تدعم الاهداف المهمه والعاجله وتقلل من شائن الامور المهمه وغير العاجله (رؤيه - Vision).

مثال في اطار العمل: انتاجية الفريق

عن تجربه، عند العمل في فريق يتبني فلسفة النتائج السريعه. تجده شديد التركيز علي الامور الهامه و العاجله والتي بالطبع تؤدي الي نتائج سريعه ولكن سرعان ما يصاب جميع اعضاء الفريق بالاجهاد ("Burnout") وتتقلص النتائج وتظهر مشاكل معقده وليدة تبني حلول مؤقته لمشاكل طويلة المدي وعدم توفير الوقت الكافي لخلق حلول مناسبه.

مثال اجتماعي: الغني والفقير؟

1. الغني لديه مساحه - يمكنه ان يختار ان ينشغل باهداف مهمه وغير عاجله. يمكنه ان يضع خطه لاجيال!
2. الفقير من كثرة انشغاله باساسيات الحياه لا يكاد يري اين يتجه مستقبله.

مثال ديني: الدنيا والاخره؟

1. الدنيا من منظور ديني مهمه وعاجلة (لا اريد تعرفيها بانها غير مهمه وعاجله - لان الخالق وضعنا هنا لسبب! ولانها دار البلاء).
2. الاخره مهمه وغير عاجلة - تفعل ما شئت طوال حياتك {وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ ۖ فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ۚ} لكن ستحاسب عليه يوم القيامه. انها افضل المهام المهمه وغير العاجله مدتها هي طول حياة الفرد والبشرية كا كل!

كلانا يعرف ان الدار الاخره افضل من الدار الدنيا ولكن عند الانغماس في التفاصيل تجدد اننا مشغولين بامور الحياه (حسنها وسـيئها) عن الاخره.

الانشغال بالمهمات المهمه والعاجله اشبه بمن يحاول ان يحفظ محتوي علمي من أول مره. حرصه الشديد علي اي يحصل علي النتائج الان تجعله يلجأ الي استخدام استراتجيات تجعله يبدو كما لو انه تمكن من اتقان المحتوي العلمي ولكنه في الحقيقه لم يفعل. لقد نسي ان الاتقان هو وليد لخبرات سنين وسوف تاتي مع الوقت.

في العموم، ان امتلاك الفرد الكثير من الالتزامات ليس بضروره شئ جيد، انه "خيــــــر يراد به الشـــــر". قد يكون هـــذا استنتاج متناقد بعض الشي مع المتعارف عليه ولكن من وجة نظري ان امتلاك القليل من الإلتزامات من شانه ان يوفر المزيد من المساحه للعمل علي الاهداف بعيدة المدي (مهمه وغير عاجله).

علي سبيل المثال، بدات تعلم البرمجه مع بداية وباء الكرونا ٢٠٢٠، بسب اغلاق المدارس والجامعات لم يعد لديا الكثير من الالتزامات وبدات اخطط لان اكون مطور برمجيات وتفضل الله علي بان مكنني من هذا وأعتقد ان هناك اناس كثرين مروا بتجربه مشابه.

بدات اعطي اهتماما كبير لوقتي واعمل علي اهدافي الخاصه طويلة المدى (بدات رحلة دراسيه مدتها ٩ سنوات لاكون طبيبا في امريكا) بعدما انهيت الثانويه، بينما قبلها كنت شديد الانشغال بالدراسه وغيرها من الامور ولم يكن لديا اي أهداف باستثناء حالات نادره.

قوة الحاضر

مصدر اولوية المهام المهمه والعاجله ياتي من مقارنه الحاضر بالمستقبل

تحتل الامور الهامه والعاجله اولويه قصوي مقارنتا بالامور الهامه وغير العاجله. علي سبيل المثال عند تخير المرأه بين العمل بوظيف بعائد شهري او التفرغ لتربيه اولادها. مع ان تحقيق ذاتها سوف يكون في كونها ام ناجحه ومع ذالك تجدها تدعم اختيارها (الوظيفه) بالكثير والكثير من المنطق الذي يصعب مجادلته وفيه الاضاعه لكثير من الوقت. انها تري الموضوع كالتالي

• مهمه + عاجل (الان - قريب) = شديد الاهميه
• مهمه + غير عاجله (العائد في المستقبل) = قليل الاهميه

نظره علي الاثر

• قال الرسول {إذا قامت الساعةُ وفي يد أحدكم فسيلة فليغرسها} - واخيرا قامت الساعه (اصبحت مهمه وعاجلة)! ومع ذالك يؤكد الرسول علي الاعمال طويلة المدي التي بالتاكيد لن يكون العالم موجودا عند حصول نتائجها!

ملحوظات - Keynotes:

1. كثرة الالتزامات ليست بالضروره شيء جيد!
2. الالتزامات - تمنع من ان يعمل الفرد علي اهداف بعيده المدي