15 فبراير 2024

أماره عن الضعف

تخيل معايا ان احنا بنحاول نعمل محاكه - "Simulation" - للواقع اللي احنا عايشين فيه (انشاء واقع رقمي موازي علي سبيل المثال) ولنا كامل الحريه لوضع قوانين عمل الاشياء والمعاني. نتفرض ان احنا علي وشك وضع معادلة "السعاده" التي ستعمل داخل المحاكه. الي "يحقق" المعادله بامكانه انه يعيش سعيد داخل المحاكه والعكس صحيح.

نفترض ان احنا قررنا ان السعاده هياثر فيها عامل واحد فقط، وليكن العامل ده هو "المال"، هيكون شكل التاثير طردي، بعني مزيد من المال يعني مزيد من السعاده بلا حدود والعكس صحيح. (متنساش ان احنا اللي بنعمل الواقع الموازي؟! احنا اللي اخدنا القرار ده!)

باعتبار ان المال هو المؤثر الوحيد فإن السعاده تتناسب طردي مع المال - بكل بساطه مزيد من المال يعني مزيد من السعاده

باعتبار ان المال هو المؤثر الوحيد فإن السعاده تتناسب طردي مع المال - بكل بساطه مزيد من المال يعني مزيد من السعاده

كدا اللي هيلتزم بالمعادلة ويقدر يفهمها هتكون عنده الفرصه انه يكون أسعد، صح؟! - تفترض بقا ان احد الكائنات اللي عايشه في المحاكه قررت ان قليل من المال يعني المزيد من السعاده!! هيكون مصيره ايه؟ - بسب عدم قدرة الكائن الحي ده علي فهم الصوره الحقيقه للمعادله هيكون مصيره انه هيعيش في نتائج افعاله (التعاسه) عشان المعادله اللي هو معتقد انها صح مختلفه خالص عن المعادلة الحقيقه للمحاكه اللي هو عايش فيها.

اه رايك نخلي منحني (معادلة) السعاده مختلف شويه عن المنحني اللي فوق... هنخلي المنحني الجديد يقول ان ايوه المال بيرفع من السعاده لكن الي حد معين...بعبور الحد ده اي مال زياده مش هيعمل اي فارق في معدل السعاده وهتفضل السعاده ثابته مهما جنيت المزيد من المال.

المزيد من المال يرفع من السعاده الي حد معين. بمجرد عبوره لا يُحْدِث مزيد من المال اي فارق من معدل السعاده

المزيد من المال يرفع من السعاده الي حد معين. بمجرد عبوره لا يُحْدِث مزيد من المال اي فارق من معدل السعاده

تفتكر ايه اللي هيحصل لو احد الكائنات جوا المحاكاه كان معتقد ان المنحني مش عامل كدا وان المنحني طردي بدون حدود! في الاول اعتقاده ده هيبدو انه بيجيب نتيجه الي ان يجاوز الحد (المنحنين متشابهين فيما قبل الحد) ولكن بعده المنحني الحقيقي بيبدا ياخد شكل مختلف عن المنحني اللي الكائن ده معتقده! هيكون هو معتقد ان مزيد من المال يعني مزيد من السعاده ولكن الواقع داخل المحاكه هيكون مختلف عن كدا.

اللي انا بوصفه فوق ده مستوحي من طريقه عمل الذكاء الاصطناعي، اي ظاهره في الحياه بيحكمها منحني (معادله) من نوع ما بيؤثر في المنحني عدد كثير من العوامل مختلفه عن بعضها في طرقه التاثير، في كثير من الاحيان احنا منعرفش الشكل الحقيقي للمنحني (مش احنا اللي عاملينه!)، مهمه الذكاء الاصطناعي انه يعرف الشكل الحقيقي للمنحني ودور كل عامل من خلال الاطلاع علي كثير من الامثله (ملايين ومليارات). عملية تعلم الذكاء الاصطناعي من الامثله (البيانات) بنسميها التدريب "Traning". بيتم استخدام الكثير من الطرق لتدريب الذكاء الاصطناعي، من الوارد ان الطريقه المستخدمه (أو كمية الامثله) تكون غير فعاله وبالتالي تنتج برنامج ذكاء اصطناعي بمنحني مختلف عن المنحني الحقيقي. وقتها بيكون البرنامج عديم الفائده لان توقعاته هتكون مختلفه عن الواقع الحقيقي بسبب اختلاف المنحني. في الحاله دي بنوصف البرنامج بالضعف بسبب عدم قدرته علي فهم الصوره الكامله للمنحني الحقيقي ونقوم بالبحث عن طريقه افضل او الحصول علي المزيد من الامثله ليتعلم منها.

الانسان عرضه انه يمرو بنفس التجربه، وان يكون اعتقادته (المنحني) مغايره لمنحني الواقع. هيكون مصيره انه يعاني نتائج مختلفه عن توقعاته. من هنا اعتقد ان احد امارات الضعف هي عدم قدرت المراء علي فهم الجزء الاكبر (او الفهم الكامل) للاشياء. وان الفجوا بين اعتقدات الفرد والنتائج هتكون مصدر تعاسه له لانها ستائتي علي خلاف توقعاته وان وافقتها في بعض.

أحـــمد إبراهـــيم

السلام عليكم 👋

أنـــا أحمــــد إبراهيم من مصـــر. أعمل كـمطور برمجيات وفي تطوير البرمج مفتوحة المصدر.عملت في شركات عالمية في الولايات المتحدة وانجلترا. عملت مع مطورين أخيرن من كل أنحاء العالم. أكتب مقالتي باللغة العربية والأنجليزية.

للحصول علي إشعـــــار عند إصدار منشور جديد، يمكنك أضافة الايمل الخاص بك