التاريخ الخفي لنشأة التعليم النظامي

كانت بروسيا (ألمانيا حاليا) دولة عظما بسبب جيشها المميت ومع ذالك خسرت الحرب أمام فرنسا تحت قيادة نابليون (1806) ،كانت خسارة الحرب كارثة غير متوقعه، كان من الصعب تقبل الخسارة وخصوصا بعدما دُمرت سمعة الجيش. كلفت الخسارة بروسيا الكثير، جزء كبير من أرض بروسيا اصبحت تحد قيادة فرنسا، دفعت بروسيا ضرائب كبيرة والذي ادي الي عدم الاستقرار الاقتصادي، لقد أصبح وجود بروسيا مهددا. أصبحت بروسيا عازمة علي معرفة السبب لتجنب حصوله مرة أخري مهما كلف الامر.

وضــــع قادة جيش بروسيا اللوم علي الجنود، بانهم كانو يفكرون لانفسهم، ولا يتبعون الأوامر. لقد كانو بامس الحاجه الي جنود يتبعون الاومر وينفذونها بدون اي تفكير، ومن هنا قررت بروسيا انشاء نظام تعليمي مكون من 8 سنوات ("Volksschule") يكون هدفه الرئسي هو "تلقين" الاطفال علي اتباع الاومر والسمع والطاعه واحترام السلطة. لقد نجح النظام التعليمي في تحقيق أهدافه، كان الاطفال ياتون النظام مبدعين ومفكرين وشغوفين علي فطرتهم ويخرجون لا يستطيعون التفكير لانفسهم.

كان التعليم اجباري علي البنين والبنات وممول من قبل الحكومة. كان النظام التعليمي في بادئ الامر يعلم القراءه والكتابة والغناء والدين (المسيحية). تم تدريس كل هذا بطابع من الاجبار والتزام الحاد. كان المحتوي التعليمي غطاء للهدف الرئسي من المنظومة وهو قمع ارادة الفرد.

لم يكن النظام مفيدا فقد في ترويض الجنود(الشعب) ولكن ذو فوائد أخري عرفتها بروسيا عندما احتلت بولند واضطرو للتعامل مع تحدي شديد الصعوبة وهو عدم تقبل الشعب للملك الجديد لانه علي اي حال مجرد محتل للارض ولا يوجد اي سبب علي الاطلاق يدفعهم لتقبل الملك. كان الباغين من الشعب شديدي الفخر باصولهم البولاندية ولا يوجد اي شيء يدفهم للتغير ولكن الاطفال كانو علي النقيد تمام...، كانت بروسيا أول من فرضت التعليم الاجباري للاطفال (7-14) في بولند (1825). استغرت بروسيا جيل واحد فقط لحل المشكلة بالتعليم الاجباري للاطـــفال. واصبـــح جزء كبير من الشعب البولاندي علي يقـــين ان الملك هو أصـــل كل شيء جيد يحدث لـــهم.

كان السبب الرئسي الذي من أجله أنشأت بروسيا التعليم النظامي هو اعتقادهم الخاطئ بان حرية الفرد هي تهديد صريح لوجودهم. كل هذا الكره لحرية الفرد تم استخلاصه من مدرسة واحدة للفيلسوف يوهان ("Johann Gottlieb Fichte"). وبالأسفل اقتباس ليوهان عن رئيه في التعليم:

Education should aim at destroying free will so that after pupils are thus schooled they will be incapable through the rest of their lives of thinking or acting otherwise than as their school masters would have wished. When this technique has been perfected, every government that has been in charge of education for more than one generation will be able to control its subjects securely without the need of armies or policemen.

يجب أن يهدف التعليم إلى تدمير الإرادة الحرة بحيث يصبح التلاميذ، بعد أن يتعلموا على هذا النحو، غير قادرين طوال بقية حياتهم على التفكير أو التصرف بشكل مختلف عما كان يرغب فيه معلموهم. وعندما يتم إتقان هذه التقنية، فإن كل حكومة كانت مسؤولة عن التعليم لأكثر من جيل واحد سوف تكون قادرة على السيطرة على رعاياها بشكل آمن دون الحاجة إلى الجيوش أو رجال الشرطة.

الانتشار العالمي للتعليم النظامي

كان للنظام التعليمي الجديد أثره البارز علي جعــــل بروسيا قوة عظمي مرة أخري. وأصبح نموذج جذاب لأي دولة أخري طامحة لان تكون قوي عظمي مثل بروسيا.

هورس مان ("Horace Mann") هو الاب الروحي للتعليم النظامي الامريكي. كان عضو في مجلس النواب ("United States House of Representatives"). أمضي سنوات لدراسة أنظمة التعليم المختلفة في مختلف انحاء أوروبا وكان في غاية الدهشة بمما حققته بروسيا بالنظام التعليمي الخاص بها. سافر هو - وجميع اعظاء المجلس - لالقاء نظره عن كثب علي النظام التعليمي في بروسا. عندما رجع هورس الي امريكا تمكن من اقناع الكنجرس لتبني هذا النظام. علي مدار الثلاث العقود المتتالية تم ارسال الكثير من البعثات لبروسيا. تولي كل من شارك في البعثات منصب اداري كبير اما في الدولة او التعليم.

تكمن هورس من جعل التعليم اجباري في ولاية ماساتشوستس (1852) (كان رئيس الولاية وقتها احد افراد البعثات التي ذهبت الي بروسيا)، كان الاباء بين اما وضع ابنائهم في النظام التعليمي او الذهاب الي السجن او دفع غرامات باهظه. اتشر النظام التعليمي الجديد في وقت قياسي في جميع الولايات وفي انحاء امريكاء. وسرعان ما تقبل الشعب النظام التعليمي الجديد كا واقع فرض عليهم.

في نفس الوقت الذي كان ينتشر التعليم فيه امريكاء كان ينتشر في جميع انحاء اوروبا والعالم (اليابان وكندا بالتحديد).

الفيلسوف يوهان ("Johann Gottlieb Fichte")

يقول يوهان:

The new education must consist essentially in this, that is completely destroy freedom of will in the soil which it undertakes to cultivate, and produce on the contrary strict necessity in the decisions of the will, the opposite being impossible, Such a will can henceforth be relied on with confidence and certainty.

يجب أن يقوم التعليم الجديد بشكل أساسي على هذا، وهو تدمير حرية الإرادة في التربة التي تتعهد بزراعتها وإنتاجها، على العكس من الضرورة الصارمة في قرارات الإرادة، والعكس مستحيل، ويمكن الاعتماد على مثل هذه الإرادة من الآن فصاعدا. بكل ثقة ويقين.

وضع يوهان الاساس الذي تم بناء المدارس عليه اليوم، كان يعتمد علي مبداء عرفه من الفيلسوف John Locke وهو ان عقل الطفل حجر مصمت عند الولادة.

وضع يوهان طريقة علمية لتعليم الاطفال (للنقش علي الحجر)، كانت عبارة عن اختيار موضوع متخصص جدا، ودراسته لمدة محددة، والتحكم فيما يجب ان يفكر فيه الطالب عند طرح الموضوع عليهم. ووضع امتحانات موحدة، يعاقب عليها الطالب عندما يفكر في اجابة تخالف الجميع. كل هذا مع طابع من القسوة المتمثلة في المواعيد الصارمة، وتقيد حرية الطالب (يجب ان يستاذن قبل ان يفعل اي شئ)، جمع الطلاب في فصول والجلوس في صفوف ومنع الطالب من الحركة.